بعد أكثر من 140 يوم من الحرب، يتواصل العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، ما يتسبب في مزيد من الأزمات الإنسانية، إذ لامست حصيلة شهداء القطاع الـ30 ألف، فيما تغيب أدنى مقومات الحياة عن الغزّيين، كتوفر المياه والطعام والطبابة. يأتي ذلك بالتزامن مع بدء محكمة العدل الدولية جلسات الاستماع بشأن العواقب القانونية لاحتلال الأراضي الفلسطينية عام 1967.
في ظل ذلك، وخلافاً لغيره من الفضاءات الثقافية التي تلتزم الصمت إزاء حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة، أطلق متحف “نابو” بالتعاون مع “مسرح المدينة” في بيروت سلسلة فعاليات ثقافية وفنية بعنوان “إلى غزة سلام“، بدأت في مساء الثامن من يناير/ كانون الثاني، وامتدت لفترة أسبوع حتى تاريخ الرابع عشر منه.
تأتي هذه الفعالية إيماناً بدور الفن والثقافة الفاعل في خدمة القضايا الإنسانية، ولا سيما القضية الفلسطينية.
وفي التفاصيل، أقام متحف “نابو” بالتعاون مع “مسرح المدينة” في شارع الحمرا أسبوعاً تضامنياً مع غزة تحت عنوان “إلى غزة سلام“، تخلّله عروضاً مسرحية وسينمائية وغنائية راقصة. وعلى هامش الأمسيات، جُمعت التبرعات المالية لمصلحة “صندوق غسان أبو ستة للأطفال”، الذي أُطلق أخيراً بمبادرة من جواد عدره، أحد مؤسسي متحف “نابو”، وكل من فداء جديد وبدر الحاج.
افتُتحت الفعاليات يوم الإثنين مع أمسية “قراءات شعرية لفلسطين، ألقت خلالها مديرة “مسرح المدينة” نضال الأشقر قصائد للشعراء الراحلين سميح القاسم وتوفيق زياد ومحمود درويش ونزار قباني وغيرهم. ورافقها عزفاً الفنان خالد العبد الله الذي يقول في حديثٍ مع صحيفة “الأخبار” إن “أكثر ما دفعه إلى المشاركة هي الأوضاع التي نعيشها، وأهمية التعبير عن أحاسيسنا في مرحلة مماثلة”. ويضيف، “الموسيقى هي مرآة لما نعيشه حالياً، من خلالها نستطيع التعبير عمّا يحصل في فلسطين اليوم”.
أما يوم الثلاثاء عُرض وثائقي “خيوط السرد“، وهو فيلم من كتابة الصحافية سحر مندور وإخراج كارول منصور. يضمّ الفيلم حكايات 12 امرأة من مجالات مختلفة، يعشقن فلسطين، ويتمتّعن بالعزيمة والمرونة والوضوح، ويطلقن العنان للحديث عن حياتهن قبل الشتات، وذكرياتهن، على أن يكون الرابط السردي في ما بينهن فن التطريز القديم. عبر قصصهن، يتشابك السرد الفردي بالجماعي، محافظاً في الوقت نفسه على تميزه وخصوصيّته.
وبعدها، كان الجمهور على موعد مع “فرقة عشاق الأقصى” من مخيم البداوي للاجئين الفلسطينيين في شمال لبنان، التي أحيت أمسية “أغاني وطنية”، قبل أن تطل فرقة “جفرا” يوم الجمعة في ليلة مخصصة للأغاني والرقص التعبيري، من تنظيم “النادي الثقافي الفلسطيني”. أما يوم السبت، قدم الشاعر والإعلامي زاهي وهبي “تحية شعرية”، رافقه فيها عزفاً على العود الفنان زياد سحاب. واختُتمت المواعيد مع السوبرانو غادة غانم التي قدّمت “تحية غنائية” بالاشتراك مع إدي دورليان وفرقة “موزاييك”.
كما تخلّل الأسبوع التضامني معرض للفن التشكيلي لعدد من الفنانين والفنانات، وجميعهم تبرعوا بأعمالهم لصالح أطفال غزة. وفيما وجه مسرح المدينة الدعوة للحضور مجاناً، أعلنت إدراة المسرح كما إدارة متحف “نابو”، أن ريع المساهمات والتبرعات جميعها يعود لصندوق غسان أبو ستة للأطفال.
تأتي تلك الفعالية في حين يتعطّش الجمهور إلى فن ملتزم مُناصر للقضايا المحقّة، لا سيما القضية الفلسطينية، وهو ما تهتم إدارة متحف “نابو” في نشره والترويج له. إذ تحرض إدارة “نابو” على تقديم أرقى العروض الغنائية والفنية في مساحتها.
يُشار إلى أن متحف “نابو”، لمؤسسَيه جواد عدره وزينة عكر عدره، يُقدم مساحة لعرض الأعمال الفنية ويعمل كمؤسسة للحفاظ على ارتباط المجتمعات بثقافتها من خلال البرامج التعليمية والتدريبية والجولات المنظمة والمحاضرات العامة والمعارض الإرشادية التي يوفرها.
أما عن التسمية، فيحمل “نابو” اسم إله الكتابة والحكمة في بلاد ما بين النهرين، ويقع على ساحل البحر الأبيض المتوسط وتحديداً في رأس الشقعة شمال لبنان. ويقدّم “نابو” مجموعة فريدة من التحف الفنية التي تعود إلى أوائل العصر البرونزي والحديدي وإلى الحقبات الرومانية واليونانية والبيزنطية، بالإضافة إلى المخطوطات النادرة والمواد الإثنوغرافية.
ملخص
إيماناً بدور الفن والثقافة الفاعل في خدمة القضايا الإنسانية، لا سيما القضية الفلسطينية، أطلق متحف “نابو” بالتعاون مع “مسرح المدينة” أسبوعاً تضامنياً مع غزة تحت عنوان “إلى غزة سلام”، تخلّله عروضاً مسرحية وسينمائية وغنائية راقصة دعماً للقضية.
